إلى أن قال: فهذا جملة ما يأمرون به، ويعتقدونه، ويرونه، وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول وإليه نذهب.
كلام الأشعري في علو الله تعالى
وذكر الأشعري في كتابه المذكور في "باب هل الباري -تعالى- في مكان دون مكان، أم ليس في مكان، أم في كل مكان؟ " فقال: اختلفوا في ذلك على سبع عشرة مقالة:
"منها": قول أهل السنة وأصحاب الحديث: إنه ليس بجسم، ولا يشبه الأشياء، وإنه على العرش كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 1 ولا نتقدم بين يدي الله بالقول، بل نقول: استوى بلا كيف، وإن له يدين كما قال: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَ} 2 وإنه ينزل إلى سماء الدنيا كما جاء في الحديث، ثم قال: وقالت المعتزلة: استوى على عرشه بمعنى استولى، وتأولوا اليد بمعنى النعمة، وقوله: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} 3 أي بعلمنا.
وقال فيه أيضا في باب الاستواء فإن قال قائل: ما تقولون في الاستواء؟ قيل نقول: إن الله مستو على عرشه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} 4 وقال: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} 5.
وقال حكاية عن فرعون: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً} 6 أكذب فرعون موسى في قوله: إن الله فوق سماواته.
وقال عز وجل {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} 7 فالسماوات فوقها العرش، وكل ما علا فهو سماء، والعرش أعلى السماوات، فلولا أن الله -تعالى- فوق عرشه ما قال في حق ملائكته: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} 8 ولما فطر الخلق عند سؤاله على رفع الأيدي إلى السماء.
وقال قائلون من المعتزلة والجهمية والحرووية: إن معنى "استوى" استولى وملك وقهر، بما يفيد التجدد والحدوث في الملك، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا،