الله بالحقيقة ليس بمخلوق، فمن سمعه وزعم أنه كلام البشر فقد كفر، والرؤية لأهل الجنة حق بغير إحاطة ولا كيفية.
وكل ما في ذلك من الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كما قال، ومعناه على ما أراد -سبحانه وتعالى-، ولا تثبت قدم الإسلام، إلا على ظهر التسليم والاستسلام، فمن رام ما حظر عليه علمه، ولم يقنع بالتسليم فهمه، حجبه مرامه عن خالص التوحيد، وصحيح الإيمان، ومن لم يَتَوَقَّ النفي والتشبيه زل، ولم يصب التنزيه، إلى أن قال: والعرش والكرسي حق كما بين في كتابه، وهو مُسْتَغْنٍ عن العرش، وما دونه، محيط بكل شيء وفوقه.
حكاية الأشعري لعقائد أهل السنة
وقال أبو الحسن الأشعري في كتابه الذي سماه: " اختلاف المصلين، ومقالات الإسلاميين" فذكر فِرَق الخوارج والروافض والجهمية وغيرهم، إلى أن ذكر مقالات أهل السنة، وأصحاب الحديث.
قال: قولهم الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله، وبما جاء عن الله، وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الله -تعالى- على عرشه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 1 وأن له يَدَيْن بلا كيف كما قال: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} 2 {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ} 3 وأثبتوا السمع والبصر، ولم ينفوا ذلك كما نفته المعتزلة.
وقالوا: لا يكون في الأرض من خير وشر إلا ما شاء الله، كما قال -تعالى-: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ} 4 ويقولون: القرآن كلام الله غير مخلوق، ويؤمنون بالأحاديث التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله ينزل إلى السماء الدنيا فيقول: هل من مستغفر" 5 الحديث.
ويقرون أن الله يجيء يوم القيامة كما قال: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} وأن الله -تعالى- يقرب من خلقه كيف شاء قال: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} 6.