أنهم ما يتبعون في الحقيقة شركاء لقال: إن يتبعون إلا من ليسوا بشركاء؛ بل هو استفهام يبين أن المشركين الذين دَعَوْا من دون الله شركاء، ما اتبعوا إلا الظن، ما اتبعوا علما؛ فإن المشرك لا يكون معه علم مطابق، وهو فيه ما يتبع إلا الظن، وهو الخَرْص والحزر وهو كذب وافتراء كقوله: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} 1. [معنى أسألك بعقد العز من عرشك] (وأما المسألة الثالثة) عن قوله: أسألك بعقد العز من عرشك، وقول السائل ما معناه؟ فلا يخفى أن هذا ليس من الأدعية المرفوعة، ولذلك اختلف الناس فيه: فكره أبو حنيفة رحمه الله- المسألة بعقد العز، وأجازها صاحبه أبو يوسف لأنه قد يراد بهذه الكلمة المحل، أي: محل العقد وزمانه، ك "مَذْهَب" يُطلق على محل الذهاب وزمانه. وربما أريد بها المفعول ك "مَرْكِب" بمعنى المركوب، ويكون هنا اسم مصدر من عقد يعقد عقدا، والاسم معقد، ويكون صفة ذات، ولهذا قال أبو يوسف: معقد العز هو الله، وأما أبو حنيفة فنظر إلى أن اللفظ محتملٌ لمعاني متعددة، فلذلك كره المسألة به، وبهذا يتبين المعنى.
[معنى دعاء: إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني]
(وأما المسألة الرابعة) : عن قوله صلى الله عليه وسلم في الدعاء المشهور: " إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ " فاعلم أن التَّجَهُّم: الغلظة والعبوس والاستقبال بالوجه الكريه، والجَهْم: الغليظ المجتمِع، وجَهُمَ كَكَرُمَ جَهَامَة وجُهُومَة: استقبله بوجه كريه كَتَجَهُّمِهِ، والجَهْمَة: آخر الليل، أو بقية سواد من آخره، واجْتَهَمَ: دخل فيه. انتهى. وبه يظهر أن التجهم يقع على الاستقبال بوجه مظلم عبوس ومن صفات الجهم ... 2.