فَيُفَسَّرُ كُلٌّ بما يناسبه ويخصه كما في سورة الأحزاب: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ} 1، ففسر كل اسم بما يخصه مع الاقتران، وإذا أطلق اسم العبادة كما في قوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ} 2 واسم الأبرار، واسم الإيمان، واسم الإسلام في مقام المدح والثناء، دخل فيه الدين كله. فمن عرف هذا تبين له اصطلاحُ القرآن والسنة، وعرف أن هؤلاء المبتدعة من أجهل الناس بحدود ما أنزل الله على رسوله، والصلاة نفسها تشتمل على أقوال وأفعال غير السجود، وكلها عبادة بإجماع المسلمين، والقراءة عبادة، والقيام عبادة، والركوع عبادة، والرفع منه عبادة، والسجود عبادة، والجلوس عبادة، والأذكار المشروعة في تلك المواطن عبادة، والتكبير عبادة والتسليم عبادة.
[القول بأن قبر الولي أفضل من الحجر الأسود]
وأما قوله: إن قبر الولي أفضل من الحجر الأسود، فهذا من جنس ما قبله في الفساد والضلال. فإن الحجر الأسود يمين الله في أرضه، من صافحه واستلمه فكأنما بايع ربه، قال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} 3، ولم يرد في قبور الأولياء ما يدل على مثل ذلك، فضلا عن أن يكون أفضل منه. والحج ركن من أركان الإسلام، والطواف بالبيت أحد أركان الحج، والركن الذي فيه الحجر الأسود أفضل من أركان البيت، والطواف من أفضل العبادات وأوجبها؛ والطواف بالقبور واستلامها والعُكُوف عندها من أوضاع المشركين والجاهلية؛ وفيه مُضَاهَاة لما يفعله اليهود والنصارى عند قبور أحبارهم ورهبانهم.