وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَة ِ} 1 فجعل عبادة الله هي دين القيمة. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة: أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " 2، ومن قال: ليست هذه الشعبة عبادة، فهو من أشر الدواب وأجهل الحيوان. وقد حصر النبي صلى الله عليه وسلم العبادة في بعض أفرادها، كما في حديث النعمان بن بشير أنه قال: " الدعاء هو العبادة " 3، وفي حديث أنس: " الدعاء مخ العبادة " 4 وكقوله: " الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين "، وكل ما ورد من فضائل الأعمال وأنواع الذكر داخلٌ في مسمى العبادة. وقد جمع ابن السني والنسائي في عمل اليوم والليلة من ذلك طَرَفًا يبين أن العبادة في أصل اللغة بمعنى الذل والخضوع كما قال بعضهم 5.
تباري عتاقا ناجيات وأتبعت ... وظيفا وظيفا فوق مور معبد
أي: طريق مُذَلَّل قد ذَلَّلَتْه الأقدام، مأخوذٌ من معنى الذل والخضوع يقال: دِنْتُهُ فَدَانَ أي: ذَلَّلْتُهُ فَذَلَّ. وفي الاصطلاح الشرعي: يدخل فيه كل ما يحبه ويرضاه من الأعمال الظاهرة والباطنة، الخاصة والمتعدية، البدنية والمالية. وكذلك عَرَّفَهَا الفقهاء بأنها: ما أُمِرَ به شرعًا من غير اطِّرَاد عُرْفي ولا اقتضاء عقلي. إذا عرف هذا، فالتقوى والعبادة والدين إذا أُفْرِدَتْ ولم تقترن بغيرها دخل فيها مجموع الدين وسائر العبادات، وإذا اقترنت بغيرها فُسِّرَ كل واحد بما يخصه، كالإيمان والعمل الصالح والإسلام والإيمان وصدق الحديث، وكالإيمان والصبر وكالعبادة والاستعانة، وكالتقوى وابتغاء الوسيلة،