وله أيضا -رحمه الله، وعفا عنه- رسالة إلى محمد بن علي فيما جرى من الفتن والامتحانات التي وقعت بين آل سعود، وسارع أكثر الناس إليها، واستشرف لها. وكان من جملة من سارع إلى سعود بعد قتله المسلمين علي بن محمد، فصار ابنه يعتذر عنه، ويطلب من الشيخ أن يكتب له كتابا، ولكن علم الشيخ -رحمه الله- أن أباه قد تلبس بالفتنة، وأنه لا ينجع فيه شيء، وهذا نص الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الابن محمد بن علي، كشف الله عنه كل ريب وغمه، وسلك بنا وبه سبل سلف الأمة. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فأحمد إليك الله -تعالى- على ما اختصنا به من سوابغ إنعامه، وما ألبسناه من ملابس إكرامه، والخط وصل، وما ذكرته صار معلوما. فأما ما أجرى الله من الفتن والامتحان، فلله -سبحانه- فيها حكم يستحق عليها الحمد، منها تمييز الخبيث من الطيب، والصادق من الكاذب، وذي البصيرة من الأعمى، كما دل عليه صدر سورة العنكبوت، والآيات من سورة البقرة وآل عمران، وغير ذلك من آي القرآن. ونذكر أن أباك يوم يركب ما ظن لعبد الله ولاية، ولا أن عبد الله سيعود إليه عن قريب، والظن أكذب الحديث، وظن السوء أورد أهله الموارد المهلكة في الدنيا والآخرة. والعجب من فقيه يحكي هذا محتجا به، وقد تربى -بحمد الله- بين يدي طلبة العلم وأهل الفتوى، أي حجة في هذا لو كانوا يعلمون؟! ولو دعوت أباك إلى لزوم السنة والجماعة، والوفاء بالعهد الذي يُسأل