(فالجواب) : أن أحوال الناس تتفاوت تفاوتا عظيما، وتفاوتهم بحسب درجاتهم في الإيمان إذا كان أصل الإيمان موجودا، والتفريط والترك إنما هو فيما دون ذلك من الواجبات والمستحبات، وأما إذا عدم الأصل الذي يدخل به في الإسلام، وأعرض عن هذا بالكلية، فهو كفر إعراض، فيه قوله -تعالى-: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ} 1 الآية، وقوله: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} 2 الآية. ولكن عليك أن تعلم أن المدار على معرفة حقيقة الأصل، وحقيقة القاعدة، ويعبر بغير التعبير المشهور، وتعزيرهم وتوقيرهم، كذلك تحته أنواع أيضا؛ أعظمها رفع شأنهم، ونصرتهم على أهل الإسلام ومبانيه، وتصويب ما هم عليه، فهذا وجنسه من المكفرات، ودونه مراتب من التوقير بالأمور الجزئية كلياقة الدواة ونحوها. وأما قوله لأبي شريح، فليس فيه ما يدل على تحسين الباطل والحكم به، بل ذكروا وجوها متعددة في معنى ذلك، كلها تفيد البعد والتحريم لمثل فعل البوادي. ومِن أحسن ما قيل: إن هذا تحسين لفعل صدر في الجاهلية، قبل ظهور الشرائع الإسلامية، فلما جاء الشرع أبطل ذلك، و "إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل"، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.