حملت إليهم الأثقال، ورحلت الرواحل، واستفاء بظلهم من آثر العاجل وغمض الطرف عن الآجل، فكم هلك بسببهم من هلك، وانتظم في سلكهم من شك في دينه وارتبك، فنعوذ بالله من مضلات الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
وإذا أردت ترى مصارع من توى ... ممن تربص وارتضى بهوان 1
وتروم مصداق الذي قد قاله ... شيخ الوجود العالم الرباني
فاستقرئ الأخبار ممن جاءهم ... ماذا رأوا من أمة الكفران
نبذوا الكتاب وراءهم واستبدلوا ... عن ذاك بالقانون ذي الطغيان 2
وعن الأذان استبدلوا من زيغهم ... بالبوق تشريعا من الشيطان 3
وكذا مسبة ربنا سبحانه ... والجعل للأنداد للرحمان
وكذاك شرب المسكرات مع الزنى ... وكذا اللواط وسائر النكران
وكذلك الأرفاض قام شعارهم ... بل أظهروا كفرانهم بأمان
هل يرتضي بالمكث بين ظهورهم ... عبد يشم روائح الإيمان؟
والله ما يرضى بهذا مؤمن ... أنى يكون وليس في الإمكان
حاش الذي ما اسطاع يوما هجرة ... أو مظهر للدين ذا تبيان
لكنما المقصود من لم يرفعوا ... رأسا بما قد جاء في القرآن
أو صح في الأخبار عن خير الورى ... والصحب والأتباع بالإحسان
ورضوا ولاية دولة قد عارضت ... أحكامه بزبالة الأذهان
وضعوا قوانينا تخالف وحيه ... واستبدلوا الإيمان بالكفران 4