من قحطان يلتزم الأحكام في التحليل والتحريم ويتحاشى من الاعتداء عليه، ولا يعجبني أكل ما أخذ منهم على هذا الوجه. وأما نهائب الأعراب التي لا يعرف حال أهلها، فلبعض أهل العلم كلام في جواز شرائها وتملكها، وأما استحباب اجتناب ذلك، فهو طريقة جمهور أهل العلم، وصلى الله على محمد.
وله أيضا -رحمه الله- منظومة أنشأها لما اشتدت الكربة، واستحكمت الغربة، وقل المعاون والمساعد، وكثر المخالف والمعاند، ودهمت فوادح معضلات الحوادث، وهجمت بكلاكلها الخطوب الأثائث، التي تشيب من أهوالها النواصي، وتعجز عن حمل أعبائها الجبال الرواسي. فأول ذلك الفتنة التي وقعت بين المسلمين، وانثل بها عرش الملة والدين، وانهدم بها سور الإسلام، وصار الأمر بأيدي البوادي الطغام، فانفجرت ذات البين، وانكشفت العورة لأهل الكفر والمين، فعند ذلك فدحت المعضلات العظام، وانهدمت أصول الدين والإسلام، وانطمست المعالم والأحكام، فقدمت العساكر إلى البلاد الإسلامية، فانكسفت شمس الرسالة المحمدية، وافتتن كثير من جهلة الناس، بفتوى من ينتسب إلى العلم من أهل الجهل والإفلاس، بأن تلك العساكر التي هجمت على بلاد أهل الإسلام، إنما جاؤوا لنصرة ذلك الإمام، فأنشأ هذه المنظومة من حرارة الجوى، وخوفا على الناس من سلوك مفاوز التوى، وأساء على من هلك بشبه المشبهين، وتمويهات الأئمة المضلين، ويذكر مآثر أهل الإسلام، الذين استجابوا لله ورسوله بدعوة شيخ الإسلام، وعلم الهداة الأعلام، الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وما كانوا عليه من المعتقد وحسن السيرة، وخلوص الطوية والسريرة، ويحذر من طريقة أقوام إنما نشؤوا في ظل عافية الإسلام، ولم يعرفوا ما عليه أهل الجاهلية من عبادة الأوثان والأصنام، والذرائع المفضية إلى الدخول في ولاية من حادّ الله ورسوله وموالاتهم، والرضى بأحكامهم وقوانينهم، وقد