الصنم سواء في القرب إليه -تعالى- الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
[معية الله لعباده وقربه منهم]
قال العلامة ابن القيم -رحمه الله- تعالى-: المعية نوعان: عامة، وهي: معية العلم والإحاطة، كقوله -تعالى-: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} 1، وقال: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} 2، وخاصة وهي معية القرب، كقوله: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} 3، {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} 4، {وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} 5. فهذه معية قرب تتضمن الموالاة والنصر والحفظ. وكلا المعيتين مصاحبة منه للعبد، لكن هذه مصاحبة اطلاع وإحاطة، وهذه مصاحبة موالاة ونصر وإعانة. فمع في لغة العرب للصحبة اللائقة لا تشعر بامتزاج ولا اختلاط ولا مجاورة ولا مجانبة، فمن ظن شيئا من هذا فمن سوء فهمه أُتِيَ. وأما القرب: فلم يقع في القرآن إلا خاصا، وهو نوعان: قربه من داعِيهِ بالإجابة، وقربه من عابده بالإثابة، فالأول كقوله -تعالى-: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} 6، ولهذا نزلت جوابا للصحابة -رضي الله عنهم- وقد سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أربُّنا قريب فنناجيه؟ أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله هذه الآية، والثاني كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وأقرب ما يكون العبد من ربه في جوف الليل" 7: فهذا قربه من أهل طاعته. وفي الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه قال: " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فارتفعت أصواتنا بالتكبير فقال: يا أيها الناس اربَعُوا على أنفسكم! فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا. إن الذي تدعونه سميع قريب، أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته" 8 فهذا خاص بالداعي دعاء العبادة والثناء والحمد.