وله أيضا رسالة إلى الإخوان محمد بن علي وإبراهيم بن راشد وإخوانهم، يحرِّضُهم فيها ويُذَكِّرهم ما سبق من المُكَاتَبات في شأن هذه الحوادث العُمْيِ العظائم التي قَلَعَتْ أصولَ الدين، والْتَبَسَ الأمرُ بسببها على مَن ينتسب إلى العلم، وخفي عليه المخرج والحكم. واتَّبعهم في ذلك جمهورُ أهل الأهواء، ولم يلتفتوا إلا إلى مَن منهجه الإهلاك والإغواء، وتركوا طريقة مَن يدعوهم إلى الحق والهدى، ويُبَصِّرُهم -بنور الله- أسباب النجاة والتقى، حتى أعضل فادح تلك الحوادث، وطغى على القلوب ما طغى من تلك الكوارث فما ارْعَوَى إلى الحق أكثرُهم وما استرشد، ولم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد. وقد سأله الإخوان عن حكم من يسافر إلى بلاد المشركين التي يعجز فيها عن إظهار ما وجب لله من التوحيد والدين، ويُعَلِّلُ بأنه لا يسلم عليهم، ولا يجالسهم، ولا يبحثون عن سره إلى غير ذلك من تعاليلُ الجاهلين، فأجاب بما ستقف عليه من التحقيق والسلوك إلى أقوم نهج وطريق، وهذا نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الأولاد المكرمين محمد بن علي وإبراهيم بن راشد وإبراهيم بن مرشد وعثمان بن مرشد -سلَّمَهم الله تعالى-. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعدُ: فنحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، كثير الخير دائم المعروف، والخط وصل بما اشتمل عليه من الوصية -جعلنا الله وإياكم ممن يقبل النصائح، ويدرأ المقت والفضائح- وجاءكم مني مكاتبات في هذه الحوادث العُمْيِ. ولم يبلغني ما يسرني عنكم من القبول، والقيام لله، والحق على طالب العلم والمنتسب إلى الدين والفهم أكبر منه على غيره، والواجب عليه آكد، والعاقل لا يرضى لنفسه سبيل أهل المداهنة والبطالة، وقد دهم الإسلام من الحوادث ما تعجز عن حمله الجبالُ الراسياتُ،