وله أيضا رسالة إلى علي بن محمد وابنه محمد آل موسى وقد ذكرا له في أمر هذه الفتن والحوادث، وما حصل في ضمنها من عظيم الكوارث، فبين لهما -رحمه الله- مبدأ هذه الفتنة والحكم في أهلها وجندها، لأنه قد خفي على بعض المنتسبين إلى العلم والدين حقيقة الحكم الشرعي. والقول الصواب المرضي، وهو أن مَنْ استولى على المسلمين بالغلبة والسيف، فالبيعة ثابتة له، تنفذ أحكامه؛ وتصح إمامته باتفاق أهل العلم والدين وأئمة الإسلام، لا يختلف في ذلك منهم اثنان، وأنهم يرون المنع من الخروج عليه بالسيف وتفريق الأمة، وإن كانت الأئمة ظلمة فسقة، ما لم يروا كفرا بواحا. وقد جرى في تلك الفتنة من الخوض والمراء والجدل والاضطراب، والإعراض عن منهج السنة والكتاب، ما عَمَّ ضررُهُ، وطار في الأقطار شررُهُ، وصار سببا وسلما لولاية المشركين، إلخ ما ذكره، وهذا نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الأخوين المكرمين علي بن محمد وابنه محمد بن علي -سلمهما الله تعالى من الأسوا، وحماهما من طوارق المحن والبلوى-. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد، فأحمد إليكما الله الذي لا إله إلا هو وهو للحمد أهلٌ، وهو على كل شيء قدير، والخط وصل -وصلكما الله بما يرضيه، وجعلكما ممن يحبه ويتقيه- وما ذكرتما صار معلوما. وهذه الحوادث والفتن أكبر مما وصفتم، وأعظم مما إليه أشرتم. كيف لا وقد تلاعب الشيطان بأكثر المنتسبين، وصار سُلَّمًا لولاية المشركين، وسببًا لارتداد المرتدين، وموجبًا لخفض أعلام الملة والدين، وذريعة إلى تعطيل توحيد رب العالمين، وإلى استباحة دماء المسلمين، وهتك أعراض عباده