الناقل عنه، فإن هذا قد جاء في الآثار أنه كان لا يعبد الأصنام، وأما كونه لا يأكل من ذبائحهم، فهذا لا يعلم أنه جاء به أثر، وأحمد من أعلم الناس بالآثار، قال: والشرك حرم من حين أرسل الرسل، وأما تحريم ما ذبح على النصب، فإنه ما ذكر إلا في سورة المائدة، وقد ذكر في السور المكية كالأنعام والنحل تحريم ما أهل به لغير الله، وتحريم هذا إنما عرف من القرآن، وقبل القرآن لم يكن يعرف تحريم هذا بخلاف الشرك. ثم ذكر الفرق بين ما ذبحوه للحم، وبين ما ذبحوه للنصب على جهة القربة للأوثان قال: فهذا من جنس الشرك لا يقال قط في شريعة بحلها كما كانوا يتزوجون المشركات أولا. (قال: والقول الثاني) : إطلاق القول بأنه صلى الله عليه وسلم كان على دين قومه، وفسر ذلك بما كان عليه من بقايا دين إبراهيم، لا بالموافقة لهم على شركهم، وذكر أشياء مما كانوا عليه من بقايا الحنيفية كالحج والختان وتحريم الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات. قال الشيخ: وهؤلاء إن أرادوا أن هذا الجنس مختص بالحنفاء، لا يحج يهودي ولا نصراني لا في الجاهلية ولا في الإسلام، فهو من لوازم الحنيفية، كما أنه لم يكن مسلما إلا من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأما قبل محمد، فكان بنو إسرائيل على ملة إبراهيم، وكان الحج مستحبا قبل محمد لم يكن مفروضا، ولهذا حج موسى ويونس وغيرهما من الأنبياء. ثم قال: ولكن تحريم المحرمات لا يشاركهم فيه أهل الكتاب، والختان يشاركهم فيه اليهود، وأطال في الرد والنقل عن ابن قتيبة، وذكر كلام ابن عطية في قوله: {وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى} 1 أنه أعانه، وأقامه على غير الطريق