والبرّ بالبرّ كيلاً بكيلٍ، والشّعير بالشّعير كيلاً بكيلٍ".رواه الأثرم. قال: ولا يجوز بيع خالصه بمشوبه كحنطة فيها شعير أو زوان بخالصة أو غير خالصة، ولبن مشوبٍ بخالصٍ أو مشوب أو عسل بشمعه بمثله إلاّ أن يكون الخلط يسيراً لا وقع له كيسير التّراب والزّوان الذي لا يظهر في المكيل ولا يمكن التّحرّز منه. انتهى.
قلت: فتأمّل كيف أفاد أنّ ما يخل من الخلط بالتّماثل يمنع من بيع الجنس بجنسه، وهو صريح كلام الجميع ولا يخفى أنّ النّحاس المخالط للفضّة في الجدد يخل بالتّماثل، وما يخل بالتّماثل لا يجوز، ومن نظائرها ما نصّ عليه في شرح المغني والكافي وغيرهم من أنّه لا يجوز بيع الزّبد بالسّمن، قالوا: لأنّ في الزّبد لبناً يسيراً يحيل التّماثل.
قلت: فإذا كان الخلط اليسير من اللّبن في الزّبد يحيل التّماثل، فالنّحاس مع الفضّة من باب أولى؛ لكونها أصلاً وذاك فرع. فإن قال قائل: إنّ الفضّة فيها تبع قلت: هذا باطل من وجوه:
الأوّل: أنّه لا قيمة للنّحاس الذي فيها إذ لو وصفت الفضّة عنه لعاد خبثاً.
الثّاني: إنّ الفضّة أصل في باب الرّبا وفي التّمنية وهو فرع فيهما فلا يجعل ما هو أصل تبعاً لفرعه. وأيضاً فالفضّة جوهر ثمين فلا تكون تابعة لما ليس كذلك. قال ابن حزم: وحبّة ذهبٍ أو فضّةٍ لها بال عند المساكين نعم وعند التّجار وعند أكثر النّاس ولا يحلّ أن يزيدهما في الموازنة. انتهى. وبما أسلفته من الأحاديث يبطل هذا الاعتراض. فإن قيل: قد جوّز الفقهاء درهماً فيه نحاس بنحاس واختلاف.
قلت: هذا عليكم لا لكم؛ لأنّ الفضّة ليست من جنس النّحاس واختلاف الجنس لا يمنع التّفاضل بالاتّفاق. وأمّا ما كان من النّحاس في