وزمن الفتح لقلنا بتعجيل الفرقة بالإسلام من غير اعتبار عدة لقوله -تعالى-: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} 1، وقوله: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} 2. وإن الإسلام سبب الفرقة، وكل ما كان سببا للفرقة تعقبه الفرقة كالرضاع والخلع والطلاق، وهذا اختيار الخلال وأبي بكر صاحبه وابن المنذر وابن حزم، وهو مذهب الحسن وطاووس وعكرمة وقتادة والحكم.
قال ابن حزم: وهو قول ابن الخطاب وجابر بن عبد الله وابن عباس، وبه قال حماد بن زيد والحكم بن عتبة وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز وعدي ابن عدي الكندي والشعبي وغيرهم، (قلت) وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، ولكن الذي أنزل عليه قوله: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} 3 وقوله: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} 4 لم يحكم بتعجيل الفرقة، وما حكاه ابن حزم عن عمر فما أدري من أين حكاه، والمعروف عنه خلافه، ثم ساق الرواية عن عمر بخلاف ما حكاه ابن حزم، انتهى ملخصا.
وأما إذا مات الزوج قبل انقضاء العدة، فالصحيح من المذهب أنها تستأنف العدة للوفاة ويلغوا ما مضى، وإن كان موته بعد انقضائها فلا عدة؛ والذي يتمشى عليه ما اختاره ابن القيم أنها إن لم يفسخ نكاحها حاكم يطلبها أنها تعتد منه أيضا، والله أعلم.
[صرف الزكاة لطالب العلم]
وسأل -أيضا- عن قول شارح بلوغ المرام على قوله: "أو غاز في سبيل الله" ويلحق به من كان قائما بمصلحة عامة ... إلخ.
أقول -وبالله التوفيق-: لم أقف على شيء من كلام أئمتنا يعضد هذا المأخذ أو يومئ إليه، وغاية ما رأيته ما قد أشرت إليه من قول شيخ الإسلام ابن تيمية ونصه في "الاختيارات": "ومن ليس معه ما يشترى به كتبا يشتغل