ومن المرتد غير معتبرة لبطلان أعمالهما، فوجودها كعدمها، كما أن التهليل إذا صدر منه حال استمراره على شركه غير معتبر فوجوده كعدمه، وإنما ينفع إذا قاله عالما بمعناه ملتزما لمقتضاه كما قال -تعالى-: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} 1 قال ابن جرير كغيره: وهم يعلمون حقيقة ما شهدوا به.
[عدة المسلمة بعد موت زوجها الكافر]
وسأل -أرشدنا الله وإياه- عن زوجة الكافر إذا كانت مسلمة ومات، هل عليها عدة؟ ... إلخ.
أقول -وبالله التوفيق-: إن كان تزوجها في حال كفره، فالنكاح باطل لقوله -تعالى-: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} 2، وقوله: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} 3. وإن كان كفره طارئا على النكاح أو كانا كافرين فأسلمت قبله، فإن كان قبل الدخول انفسخ نكاحها، وإن كان بعد الدخول وقف على انقضاء العدة على الصحيح عند متأخري الأصحاب.
واستدلوا بحديث مالك في إسلام صفوان بن أمية بعد إسلام زوجته بنحو شهر، والحديث مشهور عند أهل العلم قالوا: فإن أسلم الثاني قبل انقضاء العدة فهما على نكاحهما، وإلا تبينا فسخه منذ أسلم الأول، والمرتد كغيره؛ والذي اختاره ابن القيم -رحمه الله- عدم مراعاة زمن العدة، واستدل بأحاديث وآثار، منها ما روى أبو داود -في سننه- عن ابن عباس قال: "ردَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب ابنته على أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول، ولم يحدث شيئا بعد ست سنين".
وفي لفظ لأحمد: لم يحدث شهادة ولا صداقا ولم يحدث نكاحا، وقال في حديث عمرو بن شعيب: "أن النبي صلى الله عليه وسلم ردَّها على أبي العاص بن الربيع بنكاح جديد" إن الإمام أحمد قال: هذا حديث ضعيف، والصحيح أنه أقرهما على النكاح الأول. وقال الترمذي: في إسناد هذا