- يعني: وادي القرى-، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد له، فلما نزلنا، قام يحل رحله، فرُمي بسهم كان فيه حتفه، فقلنا: هنيئا له الشهادة يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا، والذي نفس محمد بيده، إن الشملة لتلتهب عليه نارا، التي أخذها من المغانم يوم خيبر، لم تصبها المقاسم. قال: ففزع الناس، فجاء رجل بشراك أو شراكين، فقال: أصبته يوم خيبر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شراك أو شراكان من نار "1، وعن أبي حازم قال: "أتي النبي صلى الله عليه وسلم بنطع من الغنيمة، فقيل: يا رسول الله، هذا لك تستظل به من الشمس. فقال: أتحبون أن يستظل نبيكم بظل من نار؟ "، وعن عبد الله بن عمرو قال: "كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له: كركره، فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو في النار؛ فذهبوا ينظرون إليه، فوجدوا عباءة قد غلها"2.

فالأحاديث في النهي عن الغلول، والتشديد على من فعله كثيرة جدا.

فاتقوا الله عباد الله، وتعاونوا على البر والتقوى، وتناصحوا فيما بينكم، واذكروا زوال الدنيا، وسرعة انقضائها، وليحذر الناصح لنفسه أن يلقى الله وقد غذّى جسمه بالحرام؛ ففي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أيّما لحم نبت على سحت كانت النار أولى به"3.

والله-سبحانه- فرض على عباده الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذم من لا يفعل ذلك، فقال -تعالى-: {كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: 79].

فمن علم عند أحد شيئا من المغنم، فلينصحه، وليأمُرْهُ بأدائه؛ فإن لم يفعل، فليرفع حاله إلى الأمير، فإنه إذا سكت عن الغالّ كان شريكا له في الإثم.

ففي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من كتم غالّا فإنه مثله"4.

ولا عذر لأحد- ولله الحمد- في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والغلول قد فشا في الناس، واشتهر؛ والمعصية إذا خفيت صار وبالها على من فعلها، فإذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015