وأجمعوا على وجوب قتل المرتد، فمن أشرك بالله أو جحد ربوبيته أو صفة من صفاته أو اتخذ له -أي الله- صاحبة أو ولدا، كفر، ومن ادَّعى النبوة أو صدَّق من ادَّعَاها أو جحد البعث، أو سب الله ورسوله، أو استهزأ بالله أو كتبه أو رسله، كفر؛ لقوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} 1.

وقال الشيخ أبو العباس أحمد بن تيمية: "أو كان مبغضا لرسوله، أو لما جاء به الرسول اتفاقا". وقال أيضا: "أو جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم، ويتوكل عليهم، ويسألهم إجماعا". أي: كفر؛ لأن ذلك كفعل عابدي الأصنام قائلين: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} 2 انتهى من "الإقناع" وشرحه*.

فتأمل قوله: "وهو الذي يكفر بعد إسلامه، فإن ظفرت بهذا الباب، ففيه ما يكشف الحجاب.

ونحيلك أيضا على كتاب "الإِعلام بقواطِعِ الإسلام" تأليف شهاب الدِّين أحمد بن حَجَرٍ الهَيْتَمِيّ الشَّافِعِيّ، فإنه ذكر فيه الألفاظ والأفعال التي توقع في الكفر عند الأئمة، حتى إنه ذكر أن العزمَ على الكفرِ كفرٌ في الحال.

[الردة التي وقعت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم]

ونحيلك -أيضا- على نبذة ألفها الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-، وذكر في آخرها سبع قصص.

"أولاهن" قصة الرِّدَّة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم:

وصورتها أن العرب افترقت في رِدَّتِها؛ فطائفة رجعت إلى عبادة الأصنام، وقالوا: لو كان نبيا ما مات. وطائفة قالت: نؤمن بالله ولا نصلي. وطائفة أقرَّت بالإسلام وصلُّوا، ولكن منعوا الزكاة. وطائفة شهدوا أن لا إله إلا الله وأن مُحَمَّدًا رسول الله، ولكن صدَّقوا مُسَيْلِمَة الكَذَّاب: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أشركه معه في النبوة، ولم يشُك أحد من الصحابة في كفر من ذكرنا إلا مانعي الزكاة، فناظر أبو بكر عمر فيهم، فاقتنع عمر، وأجمع العلماء على تصويب أبي بكر، فقاتلوهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015