حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}، لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة"1 رواه الترمذي في صحيحه فتأمل هذا الحديث وقصة بني إسرائيل المشار إليها تجدها مصرحة بما ذكرنا.
إذا ثبت هذا فالمقصود أن لفظة "إله" اسم صفة لكل من قصد بشيء من العبادة، كاسم القاضي لمن ولي القضاء، والأمير لمن تأمر، والإمام والمؤذن ونحو ذلك، فكل من قصد مخلوقا بشيء من العبادة فهو إله لمن قصده، والإله الأعظم المستحق للعبادة، المنزه عن النقائص، الموصوف بصفات الكمال هو الله تبارك وتعالى.
وهذا بخلاف اسم الجلالة، فإنه علم على الرب تبارك وتعالى مختص به وهو المعبود بالحق، فإنه لم يسم به غيره قال الله تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} 2.
[تعريف العبادة]
الفرع الثاني
(في تعريف العبادة)
قال العماد ابن كثير في تفسيره: العبادة في اللغة من الذلة، يقال طريق معبد أي مذلل، وبعير معبد أي: مذلل، وفي الشرع: عبارة عما يجمع كمال المحبة والخضوع والخوف انتهى.
وعبارة البيضاوي في تفسيره: العبادة أقصى غاية الخضوع والتذلل، ومنه طريق معبد أي: مذلل، وثوب ذو عبدة إذا كان في غاية الصفاقة؛ ولذلك