ومنه قال العماد ابن كثير -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} 1 الآية: هذا الخطاب يعم أهل الكتاب ومن جرى مجراهم، والكلمة تطلق على الجملة المفيدة كما قال هاهنا، ثم وصفها بقوله: {سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} أي: عدل ونصف نستوي نحن وأنتم فيها، ثم فسرها بقوله: {أَلا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} لا وثنا، ولا صليبا، ولا صنما، ولا طاغوتا، ولا نارًا، ولا نبيا، بل نفرد العبادة لله وحده لا شريك له، وهذه دعوة جميع الرسل ثم قال تعالى: {وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} قال ابن جرير: يعني يطيع بعضنا بعضا في معصية الله، وقال عكرمة: يعني يسجد بعضنا لبعض، انتهى ملخصا.
فقد علمت أن معنى لا إله إلا الله أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا، وشيئا أنكر النكرات، وأن لا يطيع بعضنا بعضا في معصية الله.
ومنه قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} 2 الآية، فالكلمة الطيبة كلمة التوحيد، أصلها تصديق بالجنان، وفرعها إقرار باللسان، وأكلها عمل بالأركان. انتهى من تفسير الحنفي.
وفي تفسير البغوي "كلمة طيبة" لا إله إلا الله. انتهى. ثم ذكر نحو ما تقدم.
ومنه الكفر بعبادة غير الله وتوحيده، قال العماد ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ} 3 الآية: أي من خلع الأنداد والأوثان وما يدعو إليه الشيطان من عبادة كل ما يعبد من دون الله، ووحَّد الله، فعبده وحده، وشهد أن لا إله إلا هو {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} 4 أي: فقد ثبت على الصراط المستقيم قال مجاهد: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} 5 يعني الإيمان، وقال سعيد بن جبير