أحدٌ غيرَ الله ولا يرجو سواه، ولا يتوكل إلا عليه قال تعالى: {فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} 1 {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} 2 وقال: {وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ} 3 وقال: {مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} 4 فبين أن الطاعة لله والرسول.
وأما الخشية والتقوى فللَّه وحده. وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} 5 فبيَّن أن الإتيان لله والرسول.
وأما التحسب فهو لله وحده كما قالوا: {حَسْبُنَا اللَّهُ} 6 ولم يقولوا: حسبنا الله ورسوله، ونظيره قوله تعالى: {زَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} 7.
[تحقيق النبي لمعنى التوحيد وبيان كلمته وحسم الشركة]
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحقق هذا التوحيد لأمته، ويحسم عنهم مواد الشرك؛ إذ هذا تحقيق قولنا: "لا إله إلا الله" فإن الإله هو الذي تَأْلَهُهُ القلوبُ بالمحبة والتعظيم والإجلال والإكرام والخوف، حتى قال لهم: "لا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء محمد"8 وقال لرجل قال له: ما شاء الله وشئت فقال: "أجعلتني لله ندًّا؟ بل ما شاء الله وحده"9.
وقال لابن عباس: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله"10 وقال: "لا تُطْرُونِي كما أَطْرَت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله"11 وقال: "لا تتخذوا قبري عيدا، وصلوا عليَّ حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني"12 وقال -في مرضه الذي مات فيه-: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"13 يحذر ما صنعوا. قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن خشي أن يتخذ مسجدا.
وهذا باب واسع. انتهى ما لخصته من كلام الشيخ ابن تيمية في مسألة الوسائط.
وقال -رحمه الله- في موضع آخر*: والله -سبحانه- لم يجعل أحدًا من الأنبياء والمؤمنين واسطة في شيء من الربوبية والإلهية، مثل ما ينفرد به من الخلق والرزق