فيها سواء، علما وعملا وقبولا وانقيادا. فقال: {أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} 1: فنفى ما نفته لا إله إلا الله بقوله: {أَلا نَعْبُدَ} 2، وأثبت ما أثبتته لا إله إلا الله بقوله: {إِلا اللَّهَ} 3، وقال: {أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} 4.

فهذا أمر عظيم أمر الله -تعالى- به عباده وخلفهم له، ففي قوله: {أَلا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} 5: نفى الشرك الذي نفته لا إله إلا الله، وقوله: {إِلا إِيَّاهُ} 6: هو الإخلاص الذي أثبتته لا إله إلا الله.

وقال -تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} 7 قضى أي: أمر، {أَلا تَعْبُدُوا} 8: فيه من النفي ما في معنى لا إله، وقوله: {إِلا إِيَّاهُ} 9: هذا هو الإثبات الذي أثبتته إلا الله.

وقال -تعالى-: {قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ} 10 فهذا هو الذي أمر به صلى الله عليه وسلم ودعا الناس إليه، وهو إخلاص العبادة، وتخليصها من الشرك قولا وفعلا واعتقادا.

وقد فعل صلى الله عليه وسلم ذلك، ودعا الناس إليه، وجاهدهم عليه حق الجهاد، وهذا هو حقيقة دين الإسلام، كما قال -تعالى-: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 11. بين -تعالى- أن توحيد الإلهية هو الإسلام.

والأعمال كلها لا يصلح منها شيء إلا بهذا التوحيد، وهو أساس الملة ودعوة المرسلين. والدين كله من لوازم هذا الأصل وحقوقه، وقد قال -تعالى-: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} 12.

فمن تدبر القرآن، وتذكر به عرف حقيقة دين الإسلام الذي أكمله الله لهذه الأمة، كما قال -تعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِينًا} 13.

هذا ما ننصحكم به، وندعوكم إليه، وبالله التوفيق. وصلى الله على سيد المرسلين، وإمام المتقين نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وسلم تسليما كثيرا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015