والذي نوصيك به، ونحضك عليه: التفقه في التوحيد، ومطالعة مؤلفات شيخنا -رحمه الله تعالى-، فإنها تبين لك حقيقة التوحيد الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، وحقيقة الشرك الذي حرمه الله -تعالى- ورسوله صلى الله عليه وسلم وأخبر أنه لا ينفع صاحبه، وأن الجنة على فاعله حرام، وأن من فعله حبط عمله.

والشأن كل الشأن في معرفة حقيقة التوحيد الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم وبه يكون الرجل مسلما مفارقا للشرك وأهله، وذلك لأن كثيرا من المصنفين إذا ذكر التوحيد لم يبينه، وقد يفسره بتوحيد الربوبية الذي أقر به المشركون، ومنهم من يفسره بتوحيد الذات والصفات، وذلك -وإن كان حقا- فليس هو المراد من توحيد العبادة الذي هو معنى لا إله إلا الله. وكثير من المصنفين يفسر الشرك بالإشراك في توحيد الربوبية الذي أقر به كفار العرب وغيرهم من طوائف المشركين، كما قال -تعالى-: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} 1، وقال: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} 2 الآية. وغير ذلك من الآيات التي تدل على أن المشركين يقرون بتوحيد الربوبية، وإنما الخلاف الذي بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم هو توحيد الإلهية الذي هو توحيد العبادة، ولهذا لم يصيروا موحدين بمجرد الإقرار بتوحيد الربوبية.

فإياك أن تغتر بما أحدثه المتأخرون وابتدعوه كابن حجر الهيتمي وأشباهه، واعتمد في هذا الأصل على كتاب الله الذي أنزله تبيانا لكل شيء، وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين، وعلى ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا تغتر بما حدث بعدهم من البدع المضلة في أصول الدين وفروعه، كما قال -تعالى-: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} 3.

وبهذا تعرف حقيقة أصل الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015