"الجواب": إن كان الصداق ثابتا عليه إلى أن مرضت مرض الموت، لم يصح ذلك إلا بإجازة بقية الورثة. وأما إن كانت أبرأته في الصحة جاز ذلك، وثبت بشاهد ويمين عند مالك والشافعي وأحمد؛ ويثبت أيضا بشهادة امرأتين ويمين عند مالك، وقول في مذهب أحمد. وإن أقرت في مرضها أنها أبرأته في الصحة، لم يقبل هذا الإقرار عند أبي حنيفة وأحمد وغيرهما، ويقبل عند الشافعي. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث"1، وليس للمريض أن يخص الوارث بأكثر مما أعطاه الله، والله أعلم.

[تكليم الله لموسى بغير واسطة]

"مسألة"*: في رجلين تنازعا، فقال أحدهما: إن الله كلم موسى تكليما سمعته أذناه ووعاه قلبه، وإن الله كتب التوراة بيده، وناولها من يده إلى يده إلى موسى. وقال الآخر: إن الله كلم موسى بواسطة، وإن الله لم يكتب التوراة بيده، ولم يناولها من يده إلى يده.

"الجواب": القائل الذي قال: إن الله كلم موسى تكليما كما أخبر في كتابه فمصيب، وأما الذي قال: كلم الله موسى بواسطة، فهذا ضال مخطيء؛ بل نص الأئمة على أن من قال ذلك فإنه يستتاب، فإن تاب، وإلا قتل، فإن هذا إنكار لما قد علم بالاضطرار من دين الإسلام، ولما ثبت بالكتاب والسنة والإجماع. قال -تعالى-: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} 2 الآية، ففرق بين تكليمه من وراء حجاب كما كلم موسى، وبين تكليمه بواسطة رسول كما أوحى إلى غير موسى. قال -تعالى-: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} 3 إلى قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} 4. والأحاديث بذلك كثيرة في الصحيحين والسنن.

وفي الحديث المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم: "التقى آدم وموسى، قال آدم: أنت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015