من أمتي على الحق منصورة؛ لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله"1.
نسأل الله أن يجعلنا منهم بفضله، ورحمته، وكرمه.
["يا عباد الله احبسوا" ليس بحديث، ومعناه على فرضه]
وأما الجواب عن الحديث المروي فيمن انفلتت دابته في السفر أن يقول: يا عباد الله: احبسوا، فأجيب بأنه غير صحيح؛ لأنه من رواية معروف بن حسان، وهو منكر الحديث، قاله: ابن عدي.
ومن المعلوم -إن كان صحيحًا- أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأمر من انفلتت دابته أن يطلب ردها، وينادي من لا يسمعه ولا يقدر على ردها، بل نقطع أنه إنما أمره أن ينادي من يسمعه، وله قدرة على ذلك، كما ينادي الإنسان أصحابه الذين معه في سفره ليردوا دابته. وهذا يدل -إن صح- على أن لله جنودا يسمعون ويقدرون: {مَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ} 2 وروي زيادة لفظه في الحديث "فإن الله حاضر"، فهذا صريح في أنه إنما ينادي حاضرا يسمع، فكيف يستدل بذلك على جواز الاستغاثة بأهل القبور والغائبين؟
فمَن استدل بهذا الحديث على دعاء الأموات لزمه أن يقول: إن دعاء الأموات ونحوهم، إما مستحب أو مباح لأن لفظ الحديث "فليناد" وهذا أمر أقل أحواله الاستحباب أو الإباحة. ومن ادعى أن الاستغاثة بالأموات والغائبين مستحب أو مباح فقد مرق من الإسلام.
فإذا تحققت أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يأمر من انفلتت دابته أن ينادي من لا يسمعه، ولا قدرة له على ذلك، وكما دل عليه قوله "فإن الله حاضر" تبين لك ضلال من استدل به على دعاء الغائبين والأموات، الذين لا يسمعون ولا ينفعون، وهل هذا إلا مضادة لقول الله -تعالى-: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} 3، وقوله: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ