وحاصل تأويلهم سلب صفات الكمال عن ذي الجلال.
أيضا أخذوا ببدعة عبد الله بن كلاب في كلام الرب -تعالى وتقدس-، ورد العلماء عليهم في ذلك شهير، مثل الإمام أحمد والشافعي ... 1 وأصحابه، والخلال في كتاب السنة، وإمام الأئمة محمد بن خزيمة، واللالكائي، وأبي عثمان الصابوني الشافعي، وابن عبد البر، وغيرهم من أتباع السلف كمحمد بن جرير الطبري، وشيخ الإسلام الأنصاري.
[تقليد المتأخرين لأناس لا اطلاع لهم على التوحيد الصحيح]
وقد رجع كثير من المتكلمين الخائضين كالشهرستاني شيخ أبي المعالي، والغزالي، وكذلك الأشعري -قبلهم- في كتابي الإبانة والمقالات. ومع هذا وغيره فبقي هذا في المتأخرين المقلدين لأناس من المتأخرين، ليس لهم اطلاع على كلام العلماء، وكانوا يعدون من العلماء.
وأخطؤوا أيضا في التوحيد، ولم يعرفوا من تفسير "لا إله إلا الله" إلا أن معناها: القادر على الاختراع. ودلالة "لا إله إلا الله" مع هذا دلالة التزام؛ لأن هذا من توحيد الربوبية الذي أقرت به الأمم ومشركو العرب كما قال تعالى: {قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} 2 الآيات. وهي كثيرة في القرآن.
يحتج تعالى عليهم بذلك على ما أنكروه من توحيد الإلهية، الذي هو معنى "لا إله إلا الله" مطابقة وتضمنا، وهو الذي دعا إليه الناس في أول سورة البقرة، وفي سورة آل عمران والنساء وغيرها، ودعت إليه الرسل {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} 3. وهو الذي دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران، ودعا إليه العرب قبلهم، كما قال أبو سفيان لهرقل لما سأله عما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول: "اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا"4 وكل السور المكية في تقرير معنى "لا إله إلا الله" وبيانه.
فإذا كان العلماء في وقتنا هذا وقبله في كثير من الأمصار ما يعرفون من "لا إله إلا الله" إلا توحيد الربوبية، كمن كان قبلهم في عصر شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وابن رجب، اغتروا بقول بعض العلماء من المتكلمين أن