الكتاب والسنة وإجماع الأمة يدل على هذا. فمن تسمى بالإسلام حقيقة وأحب محمدًا واقتدى به في الطريقة، وأحب أصحابه الكرام ومن تبعهم من علماء الشريعة، يجزم ولا يتوقف بكفر من سوَّى بالله غيره ودعا معه سواه من الأنداد والآلهة؛ ولكن هذا الصحاف يغلط في مسمى الإسلام ولا يعرف حقيقته، وكلامه يحتمل أنه قصد الخوارج الذين يكفرون بما دون الشرك من الذنوب، وحينئذ يكون له وجه، ولكنه احتمال بعيد والظاهر الأول.
[كلمة التوحيد وحدها لا تعصم المسلم]
وقد ابتلي بهذه الشبهة وضل بها كثير من الناس، وظنوا أن مجرد التكلم بالشهادتين مانع من الكفر، وقد قال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} 1، فكفّره بدعاء غيره تعالى، وقال تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} 2، وقال تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ} 3 فالتكفير بدعاء غير الله هو نص كتاب الله. وفي الحديث: "من مات وهو يدعو لله ندًا، دخل النار"4، وفي الحديث أيضا أن رسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم، إلا بحقها"5، وفي رواية "إلا بحق الإسلام"6 وأعظم حق الإسلام وأصله الأصيل هو: عبادة الله، وحده والكفر بما يعبد من دونه؛ وهذا هو الذي دلت عليه كلمة الإخلاص. فمن قالها وعبد غير الله أو استكبر عن عبادة الله فهو مكذب لنفسه شاهد عليها بالكفر والإشراك.
وقد عقد كل طائفة من أتباع الأئمة في كتب الفقه بابا مستقلا في حكم