إحداثه رؤيا رآها بعض ملوك مصر على ما ذكره بعض المؤرخين. وقد أنكره بعض الأئمة وقالوا: هو بدعة لم يفعله -صلى الله عليه وسلم- مع التمكن من فعله، ولم يفعله أحد من أئمة الهدى بعده، ولا غيرهم من أهل القرون المفضلة؛ وقد أمرنا بالاتباع، ونهينا عن الابتداع.
قال ابن مسعود: اتبعوا ولا تبتدعوا، ومن كان منكم مستنا فعليه بأصحاب محمد، أبر هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا. قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، والقيام بدينه؛ فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم. أو كما قال وقد تقدم من الآيات والأحاديث ما يدل لقوله ويشهد له. وكتب قدماء أهل المذاهب الأربعة وجمهور متأخريهم ليس فيها استحباب هذا ولا الأمر به، بل فيها ما يدل على منعه؛ وأن الواجب هو ما شرعه الله ورسوله. قالوا: وأما الصلاة والسلام عليه سرا بعد الأذان، وسؤال الله له الوسيلة والفضيلة، فهذا مشروع قد ورد به الخبر، وصح به الأثر، وليس مع من خالفهم من الأدلة ما يجب المصير إليه. وإنما يعيب على من منع البدع واختار السنن أهل الجهالة والسفاهة: {وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} 1. ثم إن هذا المفتري الصحاف أطلق لسانه بالمسبة، وأطال في ذلك: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} 2 وقد قيل في المثل: وقال العلي أنا ذاهب إلى المغرب، فقالت الحماقة وأنا معك.
[الخلاف في الهبة والعقد على اليتيمة]
وقد ذكر في جوابه من الحشو والكلام الذي لا يقتضيه المقام ما يدل على قصوره وعجزه وعدم ممارسته لصناعة العلم، كما ذكر قضيته مع راشد بن عيسي في مسألة الهبة واختلافهما في لزومها، ومسألة العقد على