عمر أنه كان إذا قدم من سفر أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فصلى وسلم عليه وقال: السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه، وعبد الرحمن بن يزيد وإن كان يضعف، لكن الحديث الصحيح عن نافع يدل على أن ابن عمر لم يكن يفعل ذلك دائما ولا غالبا. وما أحسن ما قال مالك -رحمه الله-: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، ولكن كلما ضعف تمسك الأمم بعهود أنبيائهم ونقصوا إيمانهم، عوضوا عن ذلك بما أحدثوه من البدع والشرك وغيره، ولهذا كرهت الأمة استلام القبر وتقبيله، وبنوه بناء منعوا الناس أن يصلوا إليه.

ومما يبين حكمة الشريعة، وأنها كما قيل: سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، أن الذين خرجوا عن المشروع، زين لهم الشيطان أعمالهم حتى خرجوا إلى الشرك، فطائفة من هؤلاء يصلون للميت، ويستدبر أحدهم القبلة ويسجد للقبر، ويقول أحدهم: القبلة قبلة العامة، وقبر الشيخ فلان قبلة الخاصة، وهذا يقوله من هو أكثر الناس عبادة وزهدا، وهو شيخ متبوع ولعله أمثل أتباع شيخه يقول في شيخه. وآخر من أعيان الشيوخ المتبوعين أصحاب الصدق والاجتهاد في العبادة والزهد، يأمر المريد أول ما يتوب أن يذهب إلى قبر الشيخ، ويعكف عليه عكوف أهل التماثيل عليها.

[الاستغاثة بالنبي والافتتان بالصالحين]

وجمهور هؤلاء المشركين بالقبور يجدون عند عبادة القبور من الرقة والخشوع، والذل وحضور القلب، ما لا يجده أحدهم في مساجد الله التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه. وآخرون يحجون القبور، وطائفة صنفوا كتبا، وسموها: "مناسك حج المشاهد" كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015