وإذا اؤتمن خان، وإذا وعد أخلف"1، 2. قال بعض الأفاضل: وهذا النفاق قد يجتمع مع أصل الإسلام، ولكن إذا استحكم وكمل فقد ينسلخ صاحبه عن الإسلام بالكلية، وإن صلى وصام، وزعم أنه مسلم 3؛ فإن الإيمان ينهى عن هذه الخلال، فإذا كملت للعبد لم يكن له ما ينهاه عن شيء منها، فهذا لا يكون إلا منافقا خالصا.

[إتيان الإنسان شعبة من شعب الإيمان أو الكفر]

(الأصل الخامس): أنه لا يلزم من قيام شعبة من شعب الإيمان بالعبد أن يسمى مؤمنا، ولا يلزم من قيام شعبة من شعب الكفر أن يسمى كافرا، وإن كان ما قام به كفر، كما أنه لا يلزم من قيام جزء من أجزاء العلم به، أو من أجزاء الطب، أو من أجزاء الفقه أن يسمى عالما، أو طبيبا، أو فقيها، وأما الشعبة نفسها فيطلق عليها اسم الكفر كما في الحديث: "ثنتان في أمتي هما بهم كفر: الطعن في الأنساب والنياحة على الميت "4، 5، وحديث "من حلف بغير الله فقد كفر"6، 7، ولكنه لا يستحق اسم الكافر على الإطلاق. فمن عرف هذا عرف فقه السلف، وعمق علومهم وقلة تكلفهم، قال ابن مسعود: من كان متأسيا فليأتس بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه؛ فاعرفوا لهم حقهم فإنهم كانوا على الهدي المستقيم، وقد كاد الشيطان بني آدم بمكيدتين عظيمتين لا يبالي بأيهما ظفر: إحداهما الغلو ومجاوزة الحد والإفراط، والثانية: هي الإعراض والترك والتفريط. قال ابن القيم لما ذكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015