أما من سلك مسلك الجمع- وهو المروي عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما كما رواه الحاكم وغيره فقال: إنه لا منافاة بين هذه الأمور الثلاثة، لأن من الناس من سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي حين صلى فقال: إنه لبى حين صلى، ومنهم من سمعه يلبي حين ركب، فقال: لبى حين ركب، ومنهم من سمعه يلبي حين استوت به على البيداء، فقال: لبى حين استوت به على البيداء) (?) .
ولولا ما قيل في سند هذا الحديث لكان وجهه ظاهراً، لأنه يجمع بين الروايات.
ولكن الأحسن والأرفق بالناس ألا يلبي حتى يستوي على ناقته، لأنه قد يحتاج إلى شيء فقد يكون نسي أن يتطيب مثلاً، وقد يتأخر في الميقات بعد أن يصلي الركعتين (ركعتي الوضوء) ، أو
الصلاة المفروضة مثلاً، فالأرفق به أن تكون تلبيته إذا استوى على ناقته، وإن لبى قبل ذلك فلا حرج.
9- أن الإنسان لا ينقل إلا ما بلغه علمه؛ فإن جابراً رضي الله عنه لم ينقل ما نقله عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل حين استوى على ناقته، بل قال حتى إذا استوت به على البيداء وهذا بعد ما ذكره عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
10- مشروعية رفع الصوت بالتلبية، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال ". (?) فينبغي للرجل أن يرفع صوته امتثالاً لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -