رضي الله عنه أمره أن يؤذن بعد الخطبة، ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر، وكان ذلك يوم جمعة، ولكن لم يصل الجمعة، لأنه ليس من هدي الرسول أن يقيم الجمعة في السفر، ومن أقام
الجمعة في السفر فهو مبتدع، وصلاته باطلة، وهذا يدل على قصور نظر بعض الناس الذين قالوا إن الجمعة واجبة في الحضر والسفر.
فإن قال قائل: ما الدليل على أنها لا تجب في السفر، مع أن ما وجب في السفر وجب في الحضر، وما وجب في الحضر وجب في السفر؟
فالجواب: هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في السفر، وكم مر عليه من جمعة؟
كثير، ومع ذلك لم ينقل عنه حديث صحيح ولا ضعيف أنه كان يقيم الجمعة في السفر، فمن أقام الجمعة في السفر فهو مبتدع بلا شك، مخالف لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وصلاته باطلة. فهذا النبي في أعظم جمع اجتمع به في أمته في حجة الوداع أتت عليه الجمعة، وهو في أفضل يوم وهو يوم عرفة، ومع ذلك ما أقام الجمعة ولو كانت مشروعة فهل يدعها الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟!.
أبداً لا يمكن. فلما لم يفعلها مع وجود السبب المقتضى لها علم أنها ليست مشروعة، وأنها ليست من دين الله؛ ولهذا بدأ بالخطبة قبل الأذان، وصلاة الجمعة يبدأ بالأذان قبل الخطبة، وأيضاً يقول: "فصلى الظهر " وهذا صريح ثم "أقام وصلى العصر"، وكان ذلك يوم الجمعة وهذا بخلاف المسافر المقيم في بلد تقام فيه الجمعة فإن ظاهر النصوص وجوبها عليه لعموم الأدلة ولأنه قد