أما إذا كان معاوضة، فلا يمكن أن نلزم الزوجة بالإنفاق على زوجها؛ لأن المستمتع الزوج. ولهذا سمي المهر أجراً، كأنه دفعه المستأجر إلى الأجير. فالإنفاق عليها معاوضة، وليس من باب المواساة. أما لو كان من باب المواساة، كالإنفاق بين الأقارب، فنعم يجب على الغني أن ينفق على الفقير.

وقوله: "وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله ". هذا فيه بيان بعد الإجمال، والبيان بعد الإجمال من أساس البلاغة؛ لأن الشيء إذا جاء مجملاً تشوفت النفوس إلى بيانه. فقد قال: ما إن اعتصمتم به لن تضلوا بعده، فتتشوف النفوس ما هذا؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "كتاب الله "، يعني هو كتاب الله وهو القرآن الكريم وأضيف إلى الله لأن الله هو الذي أنزله، وهو الذي تكلم به، وسمي كتاباً لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ. وفي الصحف التي بأيدي الملائكة، وفي الصحف التي بأيدينا.

وقوله: " وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون " يسألون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة هل بلغكم رسولي؟. وإنما يسئلُ الناس عن ذلك إقامة للحجة عليهم، وإلا فالرب عز وجل يعلم أن رسوله بلغ البلاغ المبين صلوات الله وسلامه عليه، فهو شبيه بقوله تعالى: () وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9)) (?) ، هي لا تسأل لأجل أن تعذب، ولكنه توبيخ لمن وأدها.

وقوله: "ثم أذن ثم أقام، فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر" أذن يعني أمر بالأذان، وكذلك في الإقامة، لأن مؤذنه إذ ذاك بلال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015