وقوله: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة: 18] .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويفهم من الآية أن الخوف من الشيطان وأوليائه مناف للإيمان، فإن كان الخوف يؤدي إلى الشرك، فهو مناف لأصله، وإلا فهو مناف لكماله.
الآية الثانية قوله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ} .
إنما: أداة حصر، والمراد بالعمارة العمارة المعنوية، وهي عمارتها بالصلاة والذكر وقراءة القرآن ونحوها، وكذلك الحسية بالبناء الحسي، فإن عمارتها به حقيقة لا تكون إلا ممن ذكرهم الله؛ لأن من يعمرها وهو لم يؤمن بالله واليوم الآخر لم يعمرها حقيقة لعدم انتفاعه بهذه العمارة، فالعمارة النافعة الحسية والمعنوية من الذين آمنوا بالله واليوم الآخر، ولهذا لما افتخر المشركون بعمارة المسجد الحرام قال تعالى: {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر} ، وأضاف سبحانه المساجد إلى نفسه تشريفا؛ لأنها موضع عبادته.
قوله: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} . من: فاعل يعمر، والإيمان بالله يتضمن أربعة أمور، وهي:
الإيمان بوجوده، وربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته.
واليوم الآخر: هو يوم القيامة، وسمي بذلك لأنه لا يوم بعده.
قال شيخ الإسلام: ويدخل في الإيمان بالله واليوم الآخر كل ما أخبر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما يكون بعد الموت مثل فتنة القبر وعذابه ونعيمه.