حتى الصفات الفعلية ليست مخلوقة.

والقرآن كلام الله منزل غير مخلوق.

فإن قيل: هل كل منزل غير مخلوق؟

قلنا: لا، لكن كل منزل يكون وصفا مضافا إلى الله، فهو غير مخلوق كالكلام، وإلا فإن الله أنزل من السماء ماء وهو مخلوق، وقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} [الحديد: 25] وهو مخلوق، وقال تعالى: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: 6] والأنعام مخلوقة، فإذا كان المنزل من عند الله صفة لا تقوم بذاتها، وإنما تقوم بغيرها، لزم أن يكون غير مخلوق؛ لأنه من صفات الله.

قوله: {أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ} . الاستفهام للإنكار والتوبيخ، والحديث: القرآن، والمدهن: الخائف من غيره الذي يحابيه بقوله وفعله.

والمعنى: أتدهنون بهذا الحديث وتخافون وتستخفون؟ ! لا ينبغي لكم هذا، بل ينبغي لمن معه القرآن أن يصدع به وأن يبينه ويجتهد به، قال تعالى: {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان: 52] .

قوله: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} . أكثر المفسرين على أنه على حذف مضاف، أي: أتجعلون شكر رزقكم، أي: ما أعطاكم الله من شيء من المطر ومن إنزال القرآن، أي: تجعلون شكر هذه النعمة العظيمة أن تكذبوا بها، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإن كان ذكرها في المطر، فإنها تشمل المطر وغيره.

وقيل: إنه ليس في الآية حذف، والمعنى: تجعلون شكركم تكذيبا، وقال: إن الشكر رزق، وهذا هو الصحيح، بل هو من أكبر الأرزاق، قال الشاعر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015