الوجهان لا يعودان إلى تصديق الخبر، بل إلى ذكر الآيات التي أقسم بها تنويها له بها وتنبيها على عظمها.

الخامس: الاهتمام بالمقسم عليه، وأنه جدير بالعناية والإثبات.

وقوله: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} . الله - سبحانه - يتحدث عن نفسه بضمير المفرد؛ لأنه يدل على الانفراد والتوحيد، فهو سبحانه واحد لا شريك له، ويتحدث عن نفسه بضمير الجمع؛ لأنه يدل على العظمة، كقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] ، وقوله: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} الآية [يس: 12] ، ولا يتحدث عن نفسه بالمثنى؛ لأن المثنى محصور باثنين.

والباء حرف قسم، والمواقع جمع موقع.

واختلف في النجوم، فقيل: إنها النجوم المعروفة، فيكون المراد بمواقعها مطالعها ومغاربها.

وأقسم الله بها لما فيها من الدلالة على كمال القدرة في هذا الانتظام البديع وما فيها من مناسبة المقسم به والمقسم عليه، وهو القرآن المحفوظ بواسطة الشهب، فإن السماء عند نزول الوحي ملئت حرسا شديدا وشهبا.

وقيل: إن المراد آجال نزول القرآن، ومنه قولهم: " نزل القرآن منجما "، وقول الفقهاء: يجب أن يكون دين المكاتب مؤجلا بنجمين فأكثر، فيكون الله أقسم بمواقع نزول القرآن، وقد سبقت لنا قاعدة مفيدة، وهي أنه إذا كان المعنيان لا يتنافيان تحمل الآية على كل منهما، وإلا طلب المرجح.

قوله: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} . " قسم ": خبر إن، وهذا القسم أكد الله عظمته بإن واللام تنويها بالمقسم عليه وتعظيمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015