والمنفي محذوف، والتقدير: لا صحة لما تزعمون من أن القرآن كذب أو سحر وشعر وكهانة، أقسم بمواقع النجوم إنه لقرآن كريم.
فأقسم لا علاقة لها بـ " لا " إطلاقا، وهذا له بعض الوجه، وقيل: إن المنفي القسم، فهي داخلة على أقسم، أي: لا أقسم ولن أقسم على أن القرآن قرآن كريم؛ لأن الأمر أبين من أن يحتاج إلى قسم، وهذا ضعيف جدا.
وقيل: إن " لا " للتنبيه، والجملة بعدها مثبتة؛ لأن " لا " بمعنى انتبه، أقسم بمواقع النجوم. . . وهذا هو الصحيح.
فإن قيل: ما الفائدة من إقسامه سبحانه مع أنه صادق بلا قسم؛ لأن القسم إن كان لقوم يؤمنون به ويصدقون كلامه فلا حاجة إليه، وإن كان لقوم لا يؤمنون به فلا فائدة منه، قال تعالى: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ} [البقرة: 145] .
أجيب: أن فائدة القسم من وجوه:
الأول: أن هذا أسلوب عربي لتأكيد الأشياء بالقسم، وإن كانت معلومة عند الجميع، أو كانت منكرة عند المخاطب، والقرآن نزل بلسان عربي مبين.
الثاني: أن المؤمن يزداد يقينا من ذلك، ولا مانع من زيادة المؤكدات التي تزيد في يقين العبد، قال تعالى عن إبراهيم: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] .
الثالث: أن الله يقسم بأمور عظيمة دالة على كمال قدرته وعظمته وعلمه، فكأنه يقيم في هذا المقسم به البراهين على صحة ما أقسم عليه بواسطة عظم ما أقسم به.
الرابع: التنويه بحال المقسم به؛ لأنه لا يقسم إلا بشيء عظيم، وهذان