على الاستغراق، وبين خلو اللفظ منها، فإذا قيل: هذا كفر، فالمراد أنه نوع من الكفر لا يخرج من الملة، وإذا قيل: هذا الكفر، فهو المخرج من الملة.

فإذا تطير إنسان بشيء رآه أو سمعه، فإنه لا يعد مشركا شركا يخرجه من الملة، لكنه أشرك من حيث إنه اعتمد على هذا السبب الذي لم يجعله الله سببا، وهذا يضعف التوكل على الله ويوهن العزيمة، وبذلك يعتبر شركا من هذه الناحية، والقاعدة: (إن كل إنسان اعتمد على سبب لم يجعله الشرع سببا، فإنه مشركا شركا أصغر) .

وهذا نوع من الإشراك مع الله، إما في التشريع إن كان هذا السبب شرعيا، وإما في التقدير إن كان هذا السبب كونيا، لكن لو اعتقد هذا المتشائم المتطير أن هذا فاعل بنفسه دون الله، فهو مشركا شركا أكبر؛ لأنه جعل لله شريكا في الخلق والإيجاد.

قوله: (وما منا) . (منا) : جار ومجرور خبر لمبتدأ محذوف، إما قبل (إلا) إن قدرت ما بعد إلا فعلا، أي: وما منا إلا تطير، أو بعد (إلا) ، أي: وما منا إلا متطير.

والمعنى: ما منا إنسان يسلم من التطير، فالإنسان يسمع شيئا فيتشاءم، أو يبدأ في فعل، فيجد أوله ليس بالسهل فيتشاءم ويتركه.

والتوكل: صدق الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة بالله، وفعل الأسباب التي جعلها الله تعالى أسبابا.

فلا يكفي صدق الاعتماد فقط، بل لا بد أن تثق به؛ لأنه سبحانه يقول: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} !

طور بواسطة نورين ميديا © 2015