قتل القتيل، صارت عظامه هامة تطير وتصرخ حتى يؤخذ بثأره، وربما اعتقد بعضهم أنها روحه.
التفسير الثاني: أن بعض العرب يقولون: الهامة هي الطير المعروف، لكنهم يتشاءمون بها، فإذا وقعت على بيت أحدهم ونعقت، قالوا: إنها تنعق به ليموت، ويعتقدون أن هذا دليل قرب أجله، وهذا كله -بلا شك- عقيدة باطلة.
قوله: (ولا صفر) . قيل: إنه شهر صفر، كانت العرب يتشاءمون به ولا سيما في النكاح.
وقيل: إنه داء في البطن يصيب الإبل وينتقل من بعير إلى آخر، وعلى هذا، فيكون عطفه على العدوى من باب عطف الخاص على العام.
وقيل: إنه نهي عن النسيئة، وكانوا في الجاهلية ينسئون، فإذا أرادوا القاتل في شهر المحرم استحلوه، وأخروا الحرمة إلى شهر صفر، وهذه النسيئة التي ذكرها الله بقوله تعالى: {فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التوبة: 37] ، وهذا القول ضعيف، ويضعفه أن الحديث في سياق التطير، وليس في سياق التغيير، والأقرب أن صفر يعني الشهر، وأن المراد نفي كونه مشئوما، أي: لا شؤم فيه، وهو كغيره من الأزمان يقدر فيه الخير ويقدر فيه الشر.
وهذا النفي في هذه الأمور الأربعة ليس نفيا للوجود؛ لأنها موجودة، ولكنه نفي للتأثير، فالمؤثر هو الله، فما كان منها سببا معلوما، فهو سبب صحيح، وما كان منها سببا موهوما، فهو سبب باطل، ويكون نفيا لتأثيره بنفسه إن كان صحيحا، ولكونه سببا إن كان باطلا.
فقوله: (لا عدوى) : العدوى موجودة، ويدل لوجودها قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا»