وكذلك غيرها من الأمور التي وقعت اتفاقا، فإنه لا يشرع التأسي فيه بذلك، لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعله لا على سبيل القصد للتعبد، والتأسي به تعبد.
ثالثا: ما فعله بمقتضى العادة، فهل يشرع لنا التأسي به؟
الجواب: نعم، ينبغي لنا أن نتأسى به، لكن بجنسه لا بنوعه.
وهذه المسألة قل من يتفطن لها من الناس، يظنون أن التأسي به فيما هو على سبيل العادة بالنوع، ثم ينفون التأسي به في ذلك.
ونحن نقول: نتأسى به، لكن باعتبار الجنس، بمعنى أن نفعل ما تقتضيه العادة التي كان عليها الناس، إلا أن يمنع ذلك مانع شرعي.
رابعا: ما فعله بمقتضى الجبلة، فهذا ليس من العبادات قطعا، لكن قد يكون عبادة من وجه، بأن يكون فعله على صفة معينة عبادة: كالنوم، فإنه بمقتضى الجبلة، لكن يسن أن يكون على اليمين، والأكل والشرب جبلة وطبيعة، ولكن قد يكون عبادة من جهة أخرى، إذا قصد به الإنسان امتثال أمر الله والتنعم بنعمه والقوة على عبادته وحفظ البدن، ثم إن صفة أيضا تكون عبادة كالأكل باليمين، والبسملة عند البداءة، والحمدلة عند الانتهاء.
وهنا نسأل: هل اتخاذ الشعر عادة أو عبادة؟
يرى بعض العلماء أنه عبادة، وأنه يسن للإنسان اتخاذ الشعر.
ويرى آخرون أن هذا من الأمور العادية، بدليل قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي رآه قد حلق بعض رأسه وترك بعضه، فنهاهم عن ذلك، وقال: «احلقوا»