والثاني: أنه لو كان مع الله إله آخر لطلب أن يكون العلو له وحينئذ إما أن يغلب أحدهما الآخر فيكون هو الإله، وإما أن يعجز كل منهما عن الآخر فلا يستحق واحد منهما أن يكون إلهًا لأنه عاجز.
ومنها قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} . وهذه المحرمات الخمس أجمعت عليها الشرائع وفيها إثبات الحكمة وإثبات الغيرة له لأنه حرم هذه الأمور، ومعنى قوله: {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} : أي ما لم ينزل به دليلًا وهو قيد لبيان الواقع لأنه لا يمكن أن يقوم الدليل على الإشراك بالله، وعلى هذا فلا مفهوم له وفي هذه الآية ردٌّ على المشبهة في قوله: {وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} . لأن المشبهة أشركوا به حيث شبهوه بخلقه وفيها رد على المعطلة في قوله تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} . لأن المعطلة قالوا على الله ما لا يعلمون حيث نفوا صفاته عنه بحجج باطلة وهذا هو وجه مناسبة ذكر هذه الآية في العقيدة.
العلو وأقسامه:
العلو: الارتفاع
وأقسام العلو ثلاثة:
1 - علو الذات ومعناه أن الله بذاته فوق خلقه.
2 - علو القدر ومعناه أن الله ذو قدر عظيم لا يساويه فيه أحد من خلقه ولا يعتريه معه نقص.
3 - علو القهر ومعناه أن الله تعالى: قهر جميع المخلوقات فلا يخرج أحد منهم عن سلطانه وقهره.