فأمر الله بحمده لانتفاء صفات النقص عنه وهي اتخاذ الولد ونفيه عن الله يتضمن مع انتفائه كمال غناه، ونفي الشريك عن الله يتضمن كمال وحدانيته وقدرته.
ونفي الولي عنه من الذل يتضمن كمال عزه وقهره ونفي الولي هنا لا ينافي إثباته في موضع آخر كقوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} . وقوله: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} . لأن الولي المنفي هو الولي الذي سببه الذل، أما الولي بمعنى الولاية فليس بمنفي. ومنها قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} والتسبيح تنزيه الله عن النقص والعيب وذلك يتضمن كمال صفاته.
وفي الآية دليل على أن كل شيء يسبح الله تسبيحًا حقيقيًّا بلسان الحال والمقال إلا الكافر فإن تسبيحه بلسان الحال فقط؛ لأنه يصف الله بلسانه بما لا يليق به.
ومنها قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} . ففي هذه الآية نفي اتخاذ الولد، ونفي تعدد الآلهة، وتنزيه الله عما وصفه به المشركون وهذا يتضمن مع انتفاء ما ذكر كمال الله وانفراده بما هو من خصائصه وقد برهن الله على امتناع تعدد الآلهة ببرهانين عقليين:
أحدهما: أنه لو كان معه إله لانفرد عن الله بما خلق، ومن المعلوم عقلًا وحسًّا أن نظام العالم واحد لا يتصادم ولا يتناقض وهو دليل على أن مدبره واحد.