العاقبة للمتقين قال الله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} . فالله تعالى يعلم أن هؤلاء سيشركون بعد أن ينجيهم لكن لما كانوا في البحر كانوا مخلصين في دعائهم الله تعالى أن ينجيهم صادقين في تفويض الأمر إليه حصل مرادهم، ولما لم يكن لهم عبادة لم يستقم أمرهم وكان عاقبة أمرهم خسرا.
فالفرق بين هؤلاء وبين القسم الذين قبلهم أن الذين قبلهم كان لهم دين ضعيف لضعف استعانتهم بالله وتوكلهم عليه، لكنه مستمر باق إن لم يفسده صاحبه بالعجز والجزع. وهؤلاء لهم حال وقوة لكن لا يبقى لهم إلا ما وافقوا فيه الأمر واتبعوا فيه السنة.
القسم الرابع: من فاتهم تحقيق أصلي الشرع، وأصلي القدر فليس عندهم عبادة لله تعالى، ولا استعانة به، ولا لجوء إليه عند الشدة فهم مستكبرون عن عبادة الله مستغنون بأنفسهم عن خالقهم، وربما لجئوا في الشدائد وإدراك مطالبهم إلى الشياطين فأطاعوها فيما تريد وأعانتهم فيما يريدون فيظن الظان أن هذا من باب الكرامات، وهو من باب الإهانات لأن عاقبتهم الذل والهوان وهذا القسم شر الأقسام.