فصل أقسام الناس في الشرع والقدر

فصل

والناس في هذا المقام -مقام الشرع والقدر- أربعة أقسام:

الأول: من حققوا هذه الأصول الأربعة: أصلي الشرع، وأصلي القدر وهم المؤمنون المتقون الذين كان عندهم من عبادة الله تعالى والاستعانة به ما تصلح به أحوالهم، فكانوا لله، وبالله، وفي الله، وهؤلاء أهل القسط والعدل الذين شهدوا مقام الربوبية والألوهية، وهم أعلى الأقسام فإن هذا مقام الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين، والشهداء، والصالحين.

الثاني: من فاتهم التحقيق في أصلي القدر فكان عندهم من عبادة الله تعالى والاستقامة في شرعه ما عندهم، لكن ليس عندهم قوة في الاستعانة بالله والصبر على أحكامه الكونية والشرعية، فيصيبهم عند العمل من العجز والكسل ما يمنعهم من العمل أو إكماله، ويلحقهم بعد العمل من العجب والفخر ما قد يكون سببا لحبوط عملهم وخذلانهم، وهؤلاء أضعف ممن سبقهم وأدنى مقاما وأقل عدلا، لأن شهودهم مقام الإلهية غالب على شهود مقام الربوبية.

الثالث: من فاتهم التحقيق في أصلي الشرع فكانوا ضعفاء في الاستقامة على أمر الله ومتابعة شرعه، لكن عندهم قوة في الاستعانة بالله والتوكل عليه، ولكن قد يكون ذلك في أمور لا يحبها الله تعالى ولا يرضاها فيعان ويمكن له بقدر حاله، ويحصل له من المكاشفات والتأثيرات ما لا يحصل للقسم الذي قبله، لكن ما يحصل له من هذه الأمور يكون من نصيب العاجلة الدنيا أما عاقبته فعاقبة سيئة، لأنه ليس من المتقين وإنما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015