والمهم أن هذا التوحيد الذي هذا شأنه قد أغفله عامة المتكلمين الذين يتكلمون في أنواع التوحيد، وهو أحد وجوه غلطهم في مسمى التوحيد.
الوجه الثاني: قولهم: " إن الله واحد في ذاته لا قسيم له. . " إلخ فيه إجمال:
فإن أرادوا به أن الله تعالى لا يتجزأ، ولا يتفرق، ولا يكون مركبا من أجزاء فهذا حق، فإن الله تعالى أحد، صمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.
وإن أرادوا به مع ذلك نفي ما وصف به نفسه كعلوه، واستوائه على عرشه، ووجهه، ويديه ونحو ذلك - وهذا مرادهم - فهو باطل؛ لأن الله تعالى قد أثبت لنفسه من صفات الكمال من هذا وغيره ما هو أهل له. وتوحيده فيها إثباتها له على الوجه اللائق به بدون تمثيل، لا أن تنفى عنه بنوع من التحريف والتعطيل.
الوجه الثالث: قولهم: " واحد في صفاته لا شبيه له " فيه إجمال:
فإن أرادوا به إثبات صفات الله تعالى على الوجه اللائق به من غير أن يماثله أحد فيما يختص به فهذا حق، وهو مذهب السلف لكن عامة المتكلمين لا يريدون ذلك.
وإن أرادوا به نفي أن يكون شيء من المخلوقات مماثلا له من كل وجه فهذا لغو لا حاجة إليه فهو كقول القائل: السماء فوقنا والأرض تحتنا لأن مماثلة الخالق للمخلوق من كل وجه معلوم الانتفاء، بل الامتناع بضرورة العقل، والسمع، وإجماع العقلاء. ولهذا لم يُثبت أحد من الأمم أحدا مماثلا لله تعالى من كل وجه، وغاية من شبه به شيئا أن يشبهه به في بعض الأمور.