وأما قوله: "أختي" فقد بين في الحديث وقال: إنك أختي في الإسلام وهو صدق أيضًا.
وأما قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث الشفاعة: "وَيَذْكُرُ كَذَبَاتِهِ"، وقوله: "لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثًا" فمعناه أنه لم يتكلم بكلام صورته سورة الكذب وإن كان حقًّا في الباطن إلا هذه الكلمات، ولما كان مفهوم ظاهرها خلاف باطنها أشفق إبراهيم عليه الصلاة والسلام منها أن يؤاخذ بها لعلي مقامه.
وأما قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثنتين منها في ذات اللَّه" فلأن المتعلق بسارة [. . .] (?) بفعاله وخطأ وإلا فهي في ذات اللَّه أيضًا؛ لأنها تسبب بها عن دفع كافر عن مواقعة فاحشة عظيمة.
وعند الترمذي (?) في حديث الشفاعة من رواية أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-: فيقول إبراهيم: إني كذبت ثلاث كذبات، ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا مِنْهَا كَذِبَةٌ إِلَّا مَا حَلَ بِها عَنْ دِينِ اللَّهِ"، فبين النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن هذه الكذبات ليست داخلة في مطلق الكذب المفهوم، بل لو لم يكن لها وجه كانت جائزة لما تتضمنه من إعلاء كلمة اللَّه ودفع المفسدة عن سارة -رضي اللَّه عنه-، واللَّه سبحانه أعلم.
أخبرنا أبو الفضل سليمان بن حمزة وعيسى بن عبد الرحمن المقدسيان قالا: أنا جعفر بن علي المقرئ، أنا أحمد بن محمد السلفي الحافظ، أنا أحمد بن عبد الغفار بن أشتة، ثنا محمد بن علي النقاش الحافظ، أنا الحسين بن محمد التستري، ثنا عبد اللَّه بن محمد بن زياد، ثنا أحمد بن حفص، حدثني أبي، حدثني إبراهيم بن طهمان، عن عباد بن إسحاق، عن محمد بن عبد اللَّه، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أنه قال: كان إبراهيم عليه الصلاة والسلام يزور إسماعيل -عليه السلام- على البراق وهي دابة جبريل تضع حافرها حيث ينتهي طرفها، وهي الدابة التي ركبها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة أسري به (?).