فلفل، يذكر عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال: قال رجل لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا خير البرية، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ذَاكَ إِبرَاهِيمُ -عليه السلام-".
أخرجه مسلم (?) والترمذي (?) أيضًا من هذا الوجه وزاد "ذَاكَ إِبرْاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ".
وثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْر" (?)، وطريق الجمع بينه وبين هذا الحديث من وجهين:
أَحَدُهُمَا: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ذلك قبل أن يعلمه اللَّه بأنه أفضل من سائر الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، ثم لما أعلمه اللَّه بذلك بينه للناس.
وَالثَّانِي وهو الأقوى: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ذلك على وجه التواضع والاحترام لإبراهيم -صلى اللَّه عليه وسلم- لخلته وأبوته، ولبيان ما يجب له من التوقير والاحترام، ولذلك لما قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنَّا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ" أتبعه بقوله: "وَلَا فَخْر" ليبين -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه لم يقل ذلك على وجه الافتخار والتطاول على من تقدمه بل قاله بيانًا لما أمر ببيانه، واللَّه سبحانه أعلم.
وقوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}. . الآية، ثم في هذه الآية إعلام بتعظيم منزلة نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- وإجلال محله، والإيذان بأن من أشرف ما أوتي خليل اللَّه إبراهيم عليه الصلاة والسلام اتباع نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- إياه واقتداؤه به، فهذا وجه تعلق المعطوف بالمعطوف عليه، وذكر بعض المفسرين أن أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذه الآية باتباع إبراهيم -عليه السلام- أريد به اتباعه إياه في مواقف الحج، وذكر في ذلك حديثًا في إسناده ضعف عن عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنهما- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "جاء جبريل -عليه السلام- إلى إبراهيم -صلى اللَّه عليه وسلم- فراح به إلى منى فذكر كيفية مناسك الحج. . . " وقال في آخره: "فأوحى اللَّه إلى محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- أن اتبع ملة إبراهيم حنيفًا".
وهذا الحديث غير ثابت لما بينا من ضعف إسناده (?).