كل مسلم رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو من الصحابة.
قال: وبلغنا عن أبي المظفر بن السمعاني المروزي أنه قال: أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحابة على كل من روى عنه حديثًا أو كلمة، ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة؛ وهذا لشرف منزلة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطوا كل من رآه حكم الصحبة (?).
والقول الثاني- وهو أضيق من القول الأول قليلًا: أنه لا يكتفى بمجرد الرؤية لكن لابد مما ينطلق عليه اسم الصحبة ولو ساعة لطيفة، حكاه بعض أئمة الحديث المتأخرين عن الواقدي أنه قال: ورأيت أهل العلم يقولون: كل من رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد أدرك الحلم فأسلم وعقل أمر الدين ورضيه فهو عندنا ممن صحب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولو ساعة من النهار، وهكذا قال الآمدي في "الإحكام" ناقلًا له عن أكثر أصحابنا أن الصحابي من رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وصحبه ولو ساعة وإن لم يختص به اختصاص المصحوب ولا روى عنه ولا طالت مدة صحبته (?).
وعبارة الشيخ صفي الدين الأرموي في "نهاية الوصول" نحو هذا وهي أعم من قول الواقدي المتقدم آنفًا من جهة أن ذاك اشترط فيه البلوغ ولم يقيد الآمدي والأرموي كلامهما بذلك بل يدخل فيه أيضًا الصبي المميز كمحمود بن الربيع الذي عقل عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مجة مجها في وجهه وهو ابن خمس سنين (?)، وعده البخاري وغيره من الصحابة لذلك فيمكن لذلك أن يجعل الكلامان قولين متباينين.
فأما ابن الحاجب فإنه اختار في مختصريه القول الذي نقلناه أولًا عن أحمد بن حنبل والجمهور من الاكتفاء بمجرد الرؤية.
والقول الثالث: إن الصحابي إنما ينطلق على من رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- واختص به اختصاص المصحوب وطالت مدة صحبته وإن لم يرو عنه، حكاه هكذا الآمدي