بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ
أَمَّا بَعْدُ:
حمدًا للَّه الذي وسع كل شيء رحمة وعلمًا، وفضل من اجتباه بما أتاه من جميل الرغائب وجزيل النعمى (ويسر للخير من هداه إليه فكان للسابقين المزية العظمى) (?) والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث (برحمة) (?) ورحمى، المنعوت بأشرف الصفات حكمة وحكما، الذي فتح به قلوبًا غلفًا وعيونًا عميًا وآذانًا صمًّا، وعلى آله وصحبه الحائزين به نعمًا جمًّا، الفائزين لما خصوا به من صحبته بالمحل الأسمى.
فإن اللَّه سبحانه وتعالى اختص نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- بصحابة جعلهم خير أمته، والسابقين إلى تصديقه وتبعيته، والمجاهدين بين يديه، والباذلين نفوسهم تقربًا إليه، (والناقلين لسننه وقضاياه، والمقتدين به في أفعاله ومزاياه) (?)، فلا خير إلا وقد سبقوا إليه من بعدهم، ولا فضل إلا وقد استفرغوا فيه جهدهم، فجميع هذا الدين راجع إلى نقلهم وتعليمهم، ومتلقى من جهتهم بإبلاغهم وتفهيمهم، فلهم مثل أجور كل من اهتدى بشيء من ذلك على مر الأزمان، وذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء بالطول والإحسان.
وهذا الكتاب يشتمل على تحقيق من يتصف بهذه الرتبة التي هي الصحبة الشريفة، وبماذا تثبت من الطرق حتى يحكم للواحد منهم بالرتبة المنيفة، ثم إثبات العدالة لجميعهم -رضي اللَّه عنهم-، وأنه لا يشذ (ص 3) عن هذه المرتبة أحد منهم، وذكر المذاهب الشاذة (في ذلك) (?)، وبيان ما يعتمد من قويم المسالك، وباللَّه تعالى