قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه" وكذلك بقية الأحاديث التي تشبهه عام في جميع الصلوات كما تقدم من اختيار الشيخ محيي الدين رحمه اللَّه في شموله الفرض والنفل فلم يدخله تخصيص شيء، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- "أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" وإن كان عامًا فقد اختص بأشياء منها ما شرعت فيها الجماعة وكذلك تحية المسجد وركعتي الطواف وغير ذلك، وإذا تعارض عامين وأحدهما قد خص والآخر باق على عمومه قدم الباقي على عمومه على الذي دخله التخصيص.
وجواب هذا:
أولًا: يمنع العموم في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه" وأمثاله من الأحاديث فإنها نكرة في سياق الإثبات ولا عموم لها على الراجح بل هو مطلق في كل الصلوات، والمطلق لا عموم له إلا على جهة البدل، فأما عموم الشمول فلا.
وثانيهما: أنه على تقدير تسليم العموم فيه فليس هذا من باب العامين المتعارضين، بل الأحاديث الدالة على ترجيح فعل النافلة في البيوت أخص بالنسبة إلى الصلوات وإن كان قد خرج منها بعض النافلة فهي خاصة من حيث اعتبار النفل والفرض وتناولها للنفل فقط وإن كانت عامة في جميع صلوات النفل وقد خرج بعضها بدليل فلا ينافي ذلك كونها خاصة بالنسبة إلى جميع أنواع الصلوات، فصلاة النفل نوع بالنسبة إلى مطلق الصلاة جنس بالنسبة إلى أفرادها من الرواتب وغيرها وما شرع فيه الجماعة [. . .] (?) ثم هي متناولة لمحل النزاع وهو الصلاة في مسجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي هو أحد المساجد الثلاثة بطريق التنصيص، وذلك في حديث عبد اللَّه ابن سعد الذي تقدم ذكره والتنبيه عليه، وفيما أخرجه أبو داود في "سننه" (?) قال: حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عبد اللَّه بن وهب، أخبرني سليمان بن بلال، عن إبراهيم